تنتقل الدراما السورية في الموسم الرمضاني الحالي بين فانتازيا الزمان، وفانتازيا المكان، مبتعدة عن الخوض في الحاضر، وما يعانيه السوريون نتيجة سنوات الحرب الطويلة، وما خلفته من آثار.
وتُعرّف «الفانتازيا»، بأنها محاكاة للواقع برؤية غير مألوفة، حيث تدور الأحداث في فضاءات وهمية.
وبعد أن أصبحت الدراما التلفزيونية صناعة، ينتظر صانعها وأبطالها مردودها المادي، نتيجة الانتشار الواسع للمحطات الفضائية ومنصات العرض، وزيادة الطلب على أعمالها، لا سيما خلال شهر رمضان المبارك، فقد طغى الكم على النوع، لجهة غياب الأهداف المطلوبة من الدراما التلفزيونية، فغاب الجانب الاجتماعي عن معظم الأعمال، مع التركيز على عنصر الإثارة والتشويق، عبر إبراز البطولات الفردية والعنف والانتقام بالدرجة الأولى.
في هذا السياق، تعود الفانتازيا التاريخية إلى الشاشة، عبر مسلسل «ذئاب الليل»، لهاني السعدي، الذي عاد إلى الكتابة الدرامية بعد 13 عاماً من التوقف، وتدور أحداث المسلسل في زمان غير محدد، في مدينة مزقها الخوف واللصوص، وهو من إخراج سامي الجنادي.
العمل من بطولة سلوم حداد، ومهيار خضور، لجين اسماعيل، ونادين خوري، زيناتي قدسية وغيرهم.
بالانتقال إلى فانتازيا المكان، يقدم الموسم الرمضاني ثلاثة أعمال، أدرجها البعض تحت عنوان «البيئة الشامية»، وهي «مربى العز»، «زقاق الجن»، «العربجي»، وهذه الأعمال، وإن كانت تعود بالزمن إلى بدايات القرن العشرين، إلا أنها استندت إلى أحداث متخيلة، يجمع في ما بينها الصراع بين الخير والشر، كما جرت العادة في كثير من الأعمال المشابهة، لدرجة أن المشاهد قد تختلط عليه الأحداث بين عمل وآخر.
في إطار الأعمال البوليسية، يعود الجزء الثاني من «مقابلة مع السيد آدم 2» إلى الشاشة، بعد توقفه الموسم الماضي، وتستمر مطاردة المحقق ورد للسيد آدم، بانتظار الحلقات المقبلة، وما ستحمله من أحداث، وليس بعيداً عن السيد آدم، يأتي مسلسل «خريف عمر»، الذي يقوم على فكرة مشابهة، وهي الانتقام، وتدور أحداثه حول محامٍ متقاعد، تتعرض ابنته للعنف والمعاملة السيئة من قبل زوجها، وهما مقيمان في دولة أخرى، ثم يحاول جاهداً حمايتها بالطرق القانونية، لكن تقف أمامه العديد من العقبات، فيضطر لاستخدام شريعة حمورابي.
بعض النقاد والإعلاميين المهتمين بالدراما، أخذوا على أعمال هذا العام، ابتعادها عن معاناة السوريين حالياً، والهروب إلى الماضي، فيما اعتبر آخرون أن ضعف النصوص طغى على الغالبية العظمى منها، إلا أن القدرات العالية لنجوم الدراما السورية، والإنتاجات الضخمة المكلفة، ساهمت في الأخذ بيد هذه الأعمال وانتشارها.
الكاتبة «اليسار عمران»، اعتبرت أن الدراما اليوم، تكتب بناء على العرض والطلب، فيما رأى الموسيقي مروان دريباتي، أن غياب منصات النقد الحقيقي والبناء، تؤدي إلى خلخلة مفهوم الجماهيرية، وبالتالي، فإن وجود النقد كفيل برفع المستوى الفني للدراما.