منظمات حقوقية تناشد السعودية وقف الإعدام بحق مصريين في سجن تبوك

منظمات حقوقية تناشد السعودية وقف الإعدام بحق مصريين في سجن تبوك

عبّرت 17 منظمة حقوقية عربية وإقليمية عن شعورها بقلق بالغ إزاء الإعدام الوشيك المرتقب لعشرات السجناء في السعودية بتهم "غير مميتة تتعلّق بـالمخدرات"، من بينهم "مواطنون مصريون محتجزون في سجن تبوك"، خصوصاً أنّ هؤلاء "يواجهون عقوبة الإعدام بعد عمليات قضائية معيبة تنتهك حقوق الإنسان والمعايير القانونية المعترف بها دولياً، بما في ذلك التزامات السعودية بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يُلزم الدول بتطبيق عقوبة الإعدام على أكثر الجرائم خطورة".

وأفادت المنظمات، في بيان مشترك أصدرته اليوم الخميس، بأنّ المقرّر الخاص بالإعدام والمقرّر الخاص بالتعذيب لدى الأمم المتحدة كانا قد وجّها "نداءً عاجلاً إلى السعودية في ديسمبر/ كانون الأول 2024، دعاها في خلاله إلى ضمان عدم إعدام المواطنين المصريين ومنحهم محاكمة عادلة بهدف تخفيف أحكامهم"، وشدّدا على أنّ "الحقّ في الحياة هو قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي التي لا يجوز التراجع عنها".

وفي عام 2024، نفّذت السعودية 345 عملية إعدام، ما يعني ضعف العدد السنوي القياسي السابق. ورأت للمنظمات المذكورة أنّ "التأثير غير المتناسب على الأجانب يثير القلق خصوصاً، ولا سيّما في القضايا المتعلقة بالمخدرات، إذ كان 75% من 122 شخصاً أُعدموا بتهم المخدرات غير المميتة في عام 2024 من غير المواطنين السعوديين. وبالإضافة إلى ذلك، تواصل السعودية فرض وتنفيذ عقوبات الإعدام ضدّ الأفراد بسبب جرائم يُزعَم أنّهم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين".

وأشارت المنظمات الحقوقية إلى أنّ "هذه الزيادة المقلقة في تنفيذ الإعدامات استمرّت حتى عام 2025، مع تنفيذ 65 إعداماً في الشهرَين الأوّلَين من العام (2025)، بما في ذلك 33 جريمة تتعلق بالمخدرات". أضافت أنّ "في النداء العاجل الأخير، أكدت الولايتان (من آليات الأمم المتحدة) أنّ الإعدامات المستمرة في السعودية تظهر فشلاً منهجياً في العدالة وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وطالب المقرّران (الخاص بالإعدام والخاص بالتعذيب) بوقف فوري لهذه الإعدامات، وإجراء تحقيق مستقلّ في انتهاكات حقوق الإنسان في هذه القضايا، وإصلاح شامل للنظام القضائي السعودي ليتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدولية".

وبيّنت المنظمات أنّ السجناء في السعودية يعيشون "في حالة من الرعب المستمرّ وهم يشاهدون رفاقهم يُقتادون إلى الإعدام يومياً"، شارحةً أنّ السلطات السعودية اعتمدت بصورة متزايدة على "تهم غير محدّدة بدقّة تتعلق بالمخدرات لتبرير استمرار استخدام عقوبة الإعدام". أضافت أنّ كثيرين من الأشخاص الذين حُكم عليهم بالإعدام اعتُقلوا في ظروف غير واضحة، وحُرموا من الوصول إلى محامٍ، وخضعوا لمحاكمات تفتقر إلى الشفافية أو الامتثال للمعايير الدولية، وهو ما يتعارض مع التزامات المملكة (السعودية) بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان".


وتابعت المنظمات، في بيان اليوم، أنّ "غالباً ما كانت الاعترافات تُستخلص تحت التعذيب، وجرى إجبار متّهمين كثيرين على توقيع وثائق لم يفهموها أو لم يُسمح لهم بالاعتراض عليها"، الأمر الذي "يتعارض مع التزامات السعودية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة". وشدّدت على أنّ "المعيار الدولي واضح: يجب تقييد عقوبة الإعدام على أكثر الجرائم خطورة، التي تُعرَّف بأنّها الجرائم ذات الجسامة الاستثنائية التي تنطوي على القتل العمد. الجرائم غير المميتة المتعلقة بالمخدرات لا تفي بهذا المعيار، ما يجعل هذه الإعدامات انتهاكاً واضحاً للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان".

صورة تعبيرية عن الإعدام - حبل مشنقة - نوفمبر 2011 (بيتر ديزيلي/ Getty)
قضايا وناس
تحذير من إعدام 33 مصرياً ضمن محكومي المخدرات في سجن تبوك

وفي بيانها المشترك، أكدت المنظمات الحقوقية الـ17 العربية والإقليمية أنّ "موجة الإعدامات الحالية تقوّض الضمانات السابقة التي قدّمتها السلطات السعودية للحدّ من استخدام عقوبة الإعدام، و(هي) تعكس نمطاً مقلقاً من التناقض والإفلات من العقاب". وفصّلت أنّ "في إبريل/ نيسان 2018، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان لمجلة تايم (الأميركية) أنّ السعودية كانت في صدد التوجّه بعيداً عن عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تشمل قتل شخص آخر، واختيار السجن المؤبّد بدلاً من ذلك. ومع ذلك، جرى التراجع عن هذا البيان من خلال تنفيذ 185 عملية إعدام في عام 2019. وفي مارس/ آذار 2022، أعاد محمد بن سلمان تأكيد نيّته إلغاء عقوبة الإعدام، باستثناء حالات القتل العمد، في مقابلة مع (مجلة) ذا أتلانتيك (الأميركية)، وقد جرى تأكيد هذا الموقف في يوليو/ تموز 2024 عندما أبلغت السعودية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأنّ عقوبة الإعدام ستقتصر على أكثر الجرائم خطورة، وكذلك في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 من خلال ممثلي السعودية في الدورة الـ89 للجنة القضاء على التمييز ضدّ المرأة. ومع ذلك، فإنّ التطبيق لم يتماشَ مع تصريحاتها العامة، إذ واصلت إعدام الأفراد بسبب مجموعة واسعة من الجرائم غير المميتة".

وحذّرت المنظمات من أنّ "غياب الشفافية يسمح للسلطات السعودية بالتلاعب في العملية القضائية وإخفاء الطبيعة الحقيقية لهذه القضايا"، مبيّنةً أنّها "غالباً ما تستهدف الأفراد الضعفاء، بما في ذلك الأجانب، بأشدّ العقوبات". وأكملت أنّ "الاعتماد على هذه التكتيكات يعكس إساءة منهجية للسلطة واحتقاراً فاضحاً للعدالة وحقوق الإنسان"، خصوصاً أنّ "عائلات المحكوم عليهم تُركت في الظلام، من دون أيّ معلومات تقريباً عن قضايا أحبّائهم أو جداول تنفيذ الإعدام". ورأت أنّ "هذا الغموض يزيد من معاناتهم ويبرز نقص المساءلة في داخل النظام القضائي السعودي. وقد أكد المقرران الخاصان أنّ غياب الشفافية في قضايا عقوبة الإعدام ينتهك ضمانات الأمم المتحدة التي تتطلب الحدّ الأدنى من المعاناة، وهي ملزمة بموجب القانون الدولي العرفي لكلّ الدول التي ما زالت تطبّق عقوبة الإعدام".

وطالبت المنظمات الحقوقية السلطات السعودية بـ"الوفاء بتعهداتها لتقييد استخدام عقوبة الإعدام على أكثر الجرائم خطورة، وفقاً للقانون الدولي، وإنهاء استخدام التهم الغامضة أو غير المدعومة لتبرير تطبيق عقوبة الإعدام، وإجراء مراجعة فورية للأفراد المحكوم عليهم بالإعدام لتحديد الانتهاكات في الإجراءات أو المحاكمات العادلة وفقاً للقانون المحلي أو القانون الدولي، وتخفيف الأحكام في هذه الحالات، والوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية، بما في ذلك ضمان حقّ الأجانب المحتجزين في الحصول على الحماية القنصلية".

وفي هذا الإطار، طالبت المنظمات المجتمع الدولي بـ"زيادة الضغط الدبلوماسي على السعودية" بصورة عاجلة، من أجل "وقف الإعدامات الجائرة والمحاكمات غير العادلة والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، والدعوة إلى مزيد من الشفافية والمساءلة في النظام القضائي السعودي، وحثّ السعودية على ضمان حقوق الأجانب في الحصول على الحماية القنصلية والدعم". كذلك حثّت المنظمات حكومات الدول التي يتعرّض مواطنوها لخطر الإعدام في السعودية، على التحرّك بسرعة وحسم، ورأت وجوب "ممارسة الضغط الدبلوماسي لحماية حقوق وحياة أولئك الذين يواجهون أحكاماً جائرة بالإعدام، وللمطالبة بالشفافية والعدالة في جميع الإجراءات القضائية".

والمنظمات الموقّعة على بيان اليوم هي مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومجموعة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية، وفير سكوير، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومنتدى حقوق الإنسان المصري، والمركز الخليجي لحقوق الإنسان، والقسط لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وإيجيبت وايد لحقوق الإنسان، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومنصة اللاجئين في مصر.

المصدر: منتديات زاخر الغيم