الحضور الطاغي الذي حققته الأعمال الدرامية قصيرة الحلقات، والمكونة من 15 حلقة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، والتي عُرضت عبر المنصات الرقمية، أنتجت لوناً جديداً على الساحة الفنية الخليجية والعربية، بعد أن توجه المنتجون والقائمون على المحطات التلفزيونية لإنتاج هذه النوعية من المسلسلات وعرضها عبر القنوات والتطبيقات والمنصات في المواسم الدرامية المختلفة، وأصبحت هذه الأعمال عنصراً أساسياً في دراما رمضان، حققت توهجاً كبيراً، بعدما كان هذا «الماراثون» يعتمد مسلسلات الـ 30 حلقة فقط، والتي لطالما فرضت سطوتها على الدراما لعقود طويلة.
«خارج الصندوق»
محاولة التمرد من قبل المنتجين على قالب الـ30 حلقة، نجحت في إنعاش الساحة الدرامية بأعمال مختلفة في المضمون والطرح، وبأفكار «خارج الصندوق»، وبات هذا واضحاً في موسم دراما رمضان 2024، الذي نافسن فيه مجموعة كبيرة من المسلسلات الإماراتية والخليجية والعربية ذات الـ15 حلقة، والتي تنوعت بين الاجتماعي والرياضي والكوميدي والخيالي، والتي عُرض بعضها خلال النصف الأول من رمضان، وبعضها الآخر في النصف الثاني، ومنها: «البوم»، «خطّاف»، «جودر – ألف ليلة وليلة»، «رحيل»، «نعمة الأفوكاتو»، «صيد العقارب»، «بابا جه»، «نور خالد وولده خالد نور»، «2024»، «أعلى نسبة مشاهدة»، و«صلة رحم».
دراما مكثفة
ومع انتشار «موضة» المسلسلات القصيرة، التي نالت صدىً كبيراً، تحدث بعض صناع الدراما عن أهمية مواكبة العصر، خصوصاً مع ظهور التطبيقات الرقمية، التي أتاحت تحرير المشاهد من قيود المكان والزمان، حيث أكد المنتج سلطان النيادي أن الأعمال الدرامية القصيرة تميزت عن نظيرتها الطويلة، بأنها دراما مكثفة بعيداً عن التطويل و«مط الأحداث»، وقال: «نوعا المسلسلات الطويلة والقصيرة، مكملان لبعضهما بعضاً، وكلاهما يخدم المشاهد، بتوفير عملية ترفيهية فنية، ولكن يبقى الأهم في كلا النوعين، أن تنجح الدراما في تقديم قصة جيدة، ومادة درامية مختلفة، وقصص مجتمعية تلامس هموم الناس»، موضحاً أن لكل نوع جمهوره الخاص.
منافسة قوية
وأشاد المخرج علي مصطفى، الذي خاض للمرة الأولى تجربة الإخراج التلفزيوني بمسلسل 15 حلقة، وهو «خطّاف»، الذي عُرض على «قناة أبوظبي»، مواكباً خطوات القنوات المحلية الجديدة، خصوصاً قنوات «شبكة تلفزيون أبوظبي»، التي شهدت تنفيذ مسلسلات إماراتية ذات حلقات قصيرة، حققت منافسة قوية في السباق الدرامي الرمضاني، خصوصاً بعدما نالت هذه النوعية من الأعمال حضوراً طاغياً في المشهد الفني، بهذا النوع من الأعمال، منوهاً بأن هذا الأمر بات واضحاً في رمضان الماضي، الذي عرض في موسمه العديد من الأعمال الدرامية القصيرة التي نالت رواجاً كبيراً، وتصدرت أغلبها «ترند» مواقع التواصل.
وأشار مصطفى إلى أن توجه بعض المنتجين والقنوات، لإنتاج أعمال درامية قصيرة، يعود إلى قدرتها على تحقيق نجاح أوسع ومشاهدات أعلى عبر المنصات الرقمية، التي باتت تعتمد هذه النوعية من الأعمال التي تضمن لها التجديد الدائم في مكتبتها.
طريقة ذكية
وتحدث الممثل والمنتج منصور الفيلي، الذي شارك في عدد من المسلسلات القصيرة خلال الفترة الأخيرة، ومنها «البوم» الذي عُرض على «قناة أبوظبي»، عن أهم ما يميز الأعمال القصيرة، قائلاً: «ميزة الأعمال القصيرة تكمن في تركيز الأحداث وقوتها، حيث يتم سردها بطريقة ذكية وسلسة، تُمكّن المشاهد من معايشة الحكاية بكل تفاصيلها، كما أن الأعمال القصيرة باتت مناسبة لكل من المنصات الرقمية، والتلفزيونات أيضاً، التي اتجه مسؤولوها إلى إطلاق تطبيقات رقمية خاصة بالقنوات، تدعم المشاهدة الرقمية لمواكبة العصر، وتسهل على المشاهد متابعة أعمال القناة، خصوصاً الحلقات والأعمال الدرامية التي لم يستطع مشاهدتها عبر التلفزيون».
«حشو درامي»
كشفت نهلة الفهد عن أنها تعكف على قراءة مجموعة من النصوص، تمكنها من السير في مضمار المسلسلات الدرامية القصيرة، وأكدت أن هذه النوعية من الأعمال تسهم في مساعدة السيناريست أو فريق الكتابة بشكل عام، في تقديم حبكة درامية مكثفة، بحيث لا يضطر إلى تمديد الحلقات التي تتسبب في ترهل من حيث سرد الأحداث، أو وضع «حشو درامي» يصيب المشاهد بالملل.
نهج عالمي
أكدت المخرجة نهلة الفهد، أنه في عصر السرعة الذي نعيشه، والتطور الكبير في كل المجالات، كان ضرورياً أن تتغير الدراما وتواكب العصر، بإنتاج أعمال ذات حلقات قصيرة يتابعها المشاهد في أي زمان أو مكان، خصوصاً بعدما انتشر هذا النهج عالمياً في السنوات الأخيرة، وبات معتمداً لدى شركات الإنتاج. وقالت: «السير على هذا النهج خليجياً وعربياً، أظهر عدداً من الأعمال المتميزة، التي تميزت بحبكات درامية جديدة في المضمون والطرح».