ذاكِرتُها مُتْصلةٌ بزمنٍ عابر وأحْداثٍ غيْر عادية , لمْ تستطِع أنْ تتذكر قطْ أيَّ بهجةٍ
في حياتِها المُنصرمة سِوى شُعورين مربوطَّين بالضجرِ واليأس ، لمْ يكُن لها الخيار
فلمْ يكُن بمقْدُرها الحديث منْ دُونِ خوفٍ أو الرَّكضِ وراء كلماتِها المُتفلتةِ من لسانِها .
لحظاتٍ تُعيدها لِذكْرياتِ طُفولتها حين كان العالمُ يبدُو صيفًا أبد
لا تستطيعُ تذكُر أيُّ شِتاءٍ قبل موتِ أُمها في ليلةٍ مطيرة .
( أصبحتُ طفلةً خائفةً دومًا ، ظننتُ أنني سأصبحُ أشْجع حين أكبُر ، لكن خاب ظني .
ما زلتُ أخافُ منْ كل شيء ، حتى ذكرياتي تُرعبني .
في السادِسةِ منْ عُمري ماتتْ أُمي ، كُنتُ مُجرد طفلةٍ لم أكُن أفهمُ الموت بعد
توقعتُها في لحظةٍ تعُود .
كُل ليلةٍ أقِفُ أمام نافِذتي أُراقبُ السَّياراتِ حين تصلُ إلى الزاويةِ أملًا أنْ تقِف إحْداهُن
وتنْزلُ منها أُمي لتأتي وتضُمني تأخُذ ضيق صدْري ، تُعيدُ ترْتيب بعثرتي
فأغفرُ للحياةِ كُل كبيرةٍ وصغيرة .
في كُل مرةٍ أرى فيها مصابيح السياراتِ الأماميةِ تقْترب
أقِفُ على سرِيري مُفْعمةٍ بالأملِ أنظر منْ النَّافِذة ، أبدأُ بالعدِ " 1,2,3,4,5,6...... "
لكِن تظلُّ تتحرك حتى تبْتعد وكانت أضوائها الخلفية هي الأسوء
أنوارٌ حمراء في الظلامِ تأخذ معها أملي في كُل مرة أيْقنتُ حينها
أنْها لنْ تعُود ، لكن عادت لي أشياء أُخرى ليتها دُفنتْ مع أُمي ) .
ليلةٌ متعطرةٌ برائحةِ الطينِ حين خالطهُ المطر كُل ما حولها ساكنٌ إلا نبضُها يتخبطُ .
لنْ تنتظِر بعد اليوم ، تُغلقُ نافِذتها ، تمشي دون أنْ تُبصر طريقِها عاريةُ القلب والفكر .
جربتْ أنْ ترْفع صوت المُوسيقى لتُخرس الصخب عنْ ثرثرةِ عقلها لحظة شُرودٍ
يعْتريها الصمت , تسْقطُ بداخِلها ذكرىً ثقيلةٍ شُعورٌ لا تعْلمُ كيف تصفُه .
تفاصِيلٌ تُرهِقُها حيرةٌ في بحرٍ منْ الإخْتيارات وأُمنيةٍ
( ليت كُل ما أتمناه أُدركُه وليت كُل ما أرْغبه يكُون ) .
جلستْ أمام المدْفأة على كُرسِيها الهزاز ، مُتكئةٍ على أحاديثُ نفسِها
المشبعةِ بالأنين والآه جالتْ في عالمِها البعِيد .
( كُنتُ مُدللة أبي فيما مضى إلى أنْ كبُرتْ وأصبحتُ اِمْرأةٍ بآرائِها ورغباتِها وطمُوحِها
ولم يُشجع أبي أيًّا من تلك الأُمور ، كان يرى أحْلامي صعبةُ المنال ولا يُمكن تحقِيقُها
لدرجةِ أنه يعتقِد أني بحاجةٍ إلى أنْ يُذكرني بذلك باستمرار
في وقتٍ كُنْتُ أحتاج منهُ أنْ يُصدقني ويُؤمن بي أكثر منْ نفسي وأنيَّ ذكيةٌ وقادرةٌ بما يكفي
ويُخبرني بذلك حتى وإنْ كانتْ لي عُيوب حتى وإن لم أكُن مثالية
هل كان عليَّ أنْ أخسر ذاتي لأكون كما يرغبُ ويُريد .
ترفعُ رأسها تُحدق بسقفِ حُجرتها الأسود تتمايلُ أقدارُها
متأملةً النجاةُ منْ غرقِ مشاعرها .
( ساذجةُ في تلْك العِبر وتلْك الأفْعالُ لا تُغْتفر ، ليس هُناك ما يهُم ) .
يمسُ عقْلُها خاطرٌ مرير ( كيف تركتُ الأيام كُلها تذْهبُ سُدى ).
تضحكْ ضِحكتُها الطُفوليةِ كعهْدِها وتنسى متنفسةً الصعداء
أغْمضتْ عيْنيها بهُدوءٍ بارد بالقدرِِ الذي جعلها ترتشفُ آخر قطرةٍ
منْ كُوبِ قهْوتها الفارغ ،نسيتْ نفسها فقد كان الأسى يشْربُها ..
فتاة في مقتبل العمر لا تدخر الا برآءتها
في أوج ربيعها تهتز أركانها بفقد مدوي
الأم تغادر /والحياة تنطفيء في عينيَّ صغيرتها
منذوا اللحظة ، تُطل من النوافذ ترقب النسمات
وعيناها تحدق مدِّيا لعل بؤرة ضوء تأتي بغائبتها
وجنتها ، رحيل دون موعد كدَّر عليها العيش
ونغَّص عليه الثواني ، تثاقلت الزمن وعقارب الساعة
لا تأتي بالتوقيت ولا تبشر بقدوم غائب هدوء وصخب
وضجيج النبض والفكر أمواج تتلاطم ..
لا يجاورها سوى تلك القطة والعصفور يقتص
منها إبتسامة تحشرج والانفاس تختنق ألم .
تفتقد ترتيب نبضاتها وتفقد إتزانها تتراعد الخلايا
أماه أنا وحيدتك ..عودي إلي فأنا :
صغيرة والنضج مبتعد ، يأس يسيطر وأحزان اللحظات
والذكريات تؤرق ، تباً لفقد لا يرحم .
تمضي السنون وتكبر لعلها تقاوم جلد الأيام وتصير
هيهات وما الأمس ببعيد والذاكرة تعيد شريطها
ولحظات المغادرةِ مُرَّة، تُسقط بالجوف جَمرة .
يتراء لها العابرين والسيارة أن هناك بِشارة
صوت مكلوم وقلب موجوع لا نداء ولا عطر آتٍ.
الأب مصدوم والحال معدوم ويدرك حال إبنته
يوحي لها أن الحلم لا يدوم والامنية لا تتحقق
وصوت الغائبة معدوم وكل ما تراه صغيرته لا يشجع
في ذاته بعودة ، يعلم مدى الوجع ويقول في حال ذاته
سوف تكبر وتدرك أن اللقاء والأحلام غالبها لا يتحقق
والفقد مُفرِّق وكم من حكيم وجاهل به سيغرق .
يدثرها بدعوة ويتحسس رأس صغيرته بكفه
ألاب فقد خليلته وخوفه الشديد على صغيرته .
تمسك بيد أبيها ومشاعرها تتزاحم والدموع
في داخل عينيها تتزاحم ،برعم طفولتها لايقوى
يمر الوقت ولا ينسيها ،ترفع أكف الضراعة لخالقها
وتعلم أن الروح عرجت لباريها ولقاء محطات الدنيا
قد إنتهت ،ولقاء الآخرة أجل وأسمى وكم من بريء
في الحياة ظُلمِ والأقدار مكتوبة والأعمار محسوبة
فكم من اموات أرفع درجات من الاحياء منعمين
لعل قول وعمل صالح يكون لنا شفيع وندرك مافات
وليكن لقاء أرق وأجمل على سرر متقابلين
لا ظالمين ولا ظالين ولا مظلومين .
لا نخضع لشبح الذكريات المؤلمة لنكن أقوى
لتعلو الضحكات ونزيد بالدعوات والصدقات
وكل أمر الله خير ورضا ..
-
صاحبة الفكر والقلم ..الكاتبة المبدعة : زمرد
قصة تثير الخيال وان كانت أشبه بالحقيقة والواقع
صُفدت حروفها من الذهب وكان إحساسها من ياقوت
لقلبك الفرح وسعادة فوق ما تتمنين واكثر يامبدعة.
لكِ تقديري والشكر مدد
روعه موضوع رائع ومميز
عاشت الايادي دوم التالق
تحياتي
ياربّ صبراً منكَ ارتوي منه كلما
اشتقت لأختي وسكينة تنزل على قلبي عندمااحنٌ لرؤيتها اجعلني يالله
خيرُ اخت لها و لا تجعلني ألهُو عن دُعائي لها
رحلت عني ولم ترحل مني ربي انها ليست معي لكنها في
قلبي وفي دعائي اللهم ارحم اختي فقيدتي بقدر اشتياقي لها