كيف تعزف الأحرف لحن المعاناة على أوتار هذه السطور
كيف تُعبِّر المشاعر عن إنسانة لطمتها مآسي كأمواج البحور
عشرون خريفًا ونيف نُسيتْ بين جدران الشقاء والحرمان
قُيِّدت بسلاسل صنعتها آلات الأحزان ..
مُنذ أن كانت طفلةُ الخامسة ، طفلةٌ بخيالها للأفراح راسمة
لكنها ترسم بعشوائية وسط ظلمة دامسة ..
نُقشتْ على أظافرها الناعمة أساطيرًا للعذاب ، وبُدلت براءتها بخداع وأتعاب
ومضى على وفاتها بلا قبرٍ من الزمن أحقاب ..
غرسوها دون ماءٍ في أرض الجفاف ، وضعوها وسط قاربٍ بلا مجداف ..
يسرقْ طرفها الحيران نظراتٍ لجميع الجهات ، علها تجد وصالًا للحياة
لكن الوقت يخطو ليُدخلها دهاليزًا ومتاهات ، والكثير الكثير من التساؤلات ..
أين أبي ؟! أين أمي ؟! بل أين ذاتي ؟!!..
والدي حاضر غائب حضورة يشبه غيابه
نسي أن عواقب الغياب أخطر بكثيرٍ من أسبابه ..
والدتي شدَّتْ رحالها وأحكمت غلق الحقائب
لتعلن الرحيل بعيدًا وتحجب الرؤيا وتلك أعظم المصائب .. عشر سنواتٍ انقضت وروحٌ تجرعت الألم بشراهةٍ
حتى تبلدت ..
غريبةُ الدار بلا أهلٍ يُسامرونها ، وحيدة بلا روحٍ بإحساسها
تُشاركها ، يتيمة بلا والدين يشتاقون لحنينها ..
مسكينة يمضي نهارها في سفرٍ بعيدٍ واغتراب ، وتسهر الليالي
تذرف دموعًا أحرقت الأوجان على كف السراب ..
وكل ليلٍ يمر بتذكارٍ يصور قسوة أيامٍ مضت ولا زالت
كل ساعةٍ تحكي روايات أسيرة هلكت ومالت ..
فقدتْ الحنان والوداد ، وأمستْ قصتها للكلمات مداد
سقطتْ في حفرة يأسٍ بلا أملٍ أو استعداد ..
ظلتْ تسير وتسير بخطىً سريعة تُبطئها اللحظات بين أشواك الصحاري
أصبحتْ نهارًا مظلمًا بلا قنديلٍ في البراري ..
في قبظتها شمعة نحيلة تكاد أن تنطفئ ، تُجابه الرياح
تعارك أسياف الإغتراب كي لا تنكفئ ..
لكنها الأوجاع تُصر على أن تنتزعها فتسكب القطرات
وتقتلها ، ولا تدع لأي أملٍ كان ما كان أن يدخلها ..
ماذا بقي أن تقول ؟!
أم أنها ملَّتْ منذ زمنٍ من هذا الحال ؟، وأنها سئمتْ الحياة بهذا المنوال !.
أم تواسي حالها أنَّ دوام الحال من المحال !.
وأنَّ أمنية العمر آتية والإنتظار لو طال !.
قاسيةٌ تلك اللحظةالتي تنظر فيها للهامش وتبتسم بحزن
يكفيها ما تجرعت من الهموم دهورًا
كفي ما تذوقتْ من المرارة عصورًا
كفى صبرًا يوشك على نهاية العبور
كفى فلم يبقى معانيٍ لبناء الجسور !...