منذ يومه الأول كان متمردا، مجربا، بل متجردا أيضا من كافة الأنماط التقليدية في السينما، تمرد على أي وصف قد يجعله محاصرا في أسلوب واحد من الإخراج، ولكنه وفي كل الأساليب مخرج عاشق للتفاصيل، أفلامه وكأنها أغنية طويلة ممتدة لا تستطيع أن تسد أذنيك عنها. إنه المبدع الكبير المخرج خيري بشارة الذي تم تكريمه في افتتاح مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، كما أن الدورة الـ13 مهداة باسمه تكريما له على مسيرته الكبيرة.
وفى حواره مع "العربية.نت" تحدث عن رفضه لفكرة التكريم والسبب في ذلك، وأيضا عما قدمه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة وعن فيلمه الأخير الذي عرض بالمهرجان تحت اسم "اليوم الوطني للحداد في المكسيك"، وكتابه الأخير، وأيضا الأفكار التي يقدمها في أعماله مثل الفقر والمهمشين والموت والغناء وحب الحياة.
*إطلاق اسمك على الدورة الـ 13 لمهرجان الأقصر.. كيف ترى ذلك وماذا يمثل لك؟
**في العادي لا أحبذ أن يكون هناك تكريم لي، فأنا على قيد الحياة وأمارس حياتي الطبيعية، وبالتالي أنا لا أحب مبدأ التكريم العادي، ولكن رغم أنه يتم تكريمي والحفاوة بي في العديد من المهرجانات إلا أن الأمر في الأقصر يختلف عن التكريمات التقليدية التي أبغضها ولا أحب التواجد بها.
*الحفاوة بخيري بشارة لم تكن في مصر فقط.. فهل ترى الأمر تكريما أم للاستفادة من خبراتك أكثر؟
**أرى أن الأمر يسير في الاتجاهين فمع كونه يتم في البداية بالتكريم، وبعد ذلك أقوم بتقديم العديد من "الماستر كلاس"، وهذا ما حدث معي على سبيل المثال في مهرجان البحر الأحمر، ووجدت رجالا ونساء يجلسون إلى جوار بعضهم، وهذا بالنسبة لي كان مبهرا جدًا.
كيف ترى أفلامك الآن بعد مرور كل هذه السنوات على عرضها خاصة أنه يتم عرض عدد منها في المهرجان؟
**أفلامي حققت نجاحات بعد عشرات السنوات من طرحها بدور العرض، وذلك لتمردي على الأفكار المطروحة في الثمانينيات من القرن الماضي، وتمردي على ذاتي أيضًا بشكل كبير، فعلى سبيل المثال فيلما "إشارة مرور" و"حرب الفراولة" لم يحققا نجاحا بالسينما وقت عرضهما، لكن أمرهما كان مختلفا حين تم عرضهما بالتلفزيون، كما أن الجيل الحالي أبهرني حين تم عمل أسبوع لأفلامي في سينما "زاوية"، وكان الإقبال كبيرا جدا على الأفلام وتم عرض الفيلم الواحد أكثر من مرة، وهم أجيال تبعد تماما عن سنوات عرض الفيلم، وهذا أرضاني جدًا، وهو ما تكرر هنا في الأقصر أيضا حيث عرض منها "يوم مر ويوم حلو"، و"كابوريا"، و"العوامة 70"، و"الطوق والأسورة" وشهد إقبالا كبيرا من جمهور الأقصر وهو ما أسعدني أيضا.
*باستثناء فيلم وحيد.. قررت التوجه إلى التلفزيون والابتعاد عن السينما منذ سنوات فما السبب في ذلك؟
**بشكل صريح مررت بظروف جعلتني بحاجة إلى العمل من أجل المال، وكانت هذه الظروف متمثلة في مرض زوجتي والتي أصابها فيروس نادر، جعلها طريحة الفراش وفي حالة من الشلل الكامل لمدة 4 سنوات، فكنت بحاجة إلى جمع الأموال للعلاج، والابتعاد عن السينما التي قد تستغرق بعض الوقت للتنفيذ والحصول على المال. ولجأت أيضًا للإعلانات، وهذا ليس عيبا، فالظروف تحتم علينا الكثير من الأشياء، بالإضافة إلي العديد من الأمور التي أَصابتني بالضيق، وهاجرت في 2007، إلى أن عدت عبر الأعمال الدرامية وكانت البداية مع مسلسل "مسألة مبدأ".
*وما هو سر ارتباط أفلامك بالأغاني؟ بل تم اختيار 6 منها في قائمة أهم 100 فيلم غنائي في السينما المصرية، كما أنك قدمت العديد من المطربين كممثلين
**أنا نشأت بعائلة جميع أفرادها تقريبا يحظون بصوت جيد، باستثنائي، وجميعهم كانوا يدندنون في كافة الأوقات لمطربين مختلفين، وأنا كان لدي حب شديد للغناء بسبب والدتي وشقيقتي، وبالتالي كان دائما لدي ولع بالأغاني وقد يكون هذا هو السبب في اهتمامي بالطرب والغناء في أفلامي.