أثناء تجولي في إحدى المزارع النائية ، رأيتُ هذه الأثلة المتكئة على الجدار الطيني ، فعجتُ عليها ، وأطلتُ التأمل فيها ، فكان هذا الخاطر :
أيتها الأثلة : ما الذي حناكِ بعد شموخ ؟ وأجدبكِ بعد خصب ؟ وأذلك بعد عز ؟ وأقواكِ بعد جمع ؟ وقللك بعد كثرة ؟ وأضعفكِ بعد قوة ؟ و ... ؟!
أأشجاكِ ، وأدنفكِ رحيلُ الأهل والرواد ؟!
أم نسيانهم لعهدكِ الزاهر ، أم إهمالهم لكِ ، وكأنهم لم يتفيأوا تحتكِ من هجير الشمس ، ويتذروا من الغيث المنهمر ، ولم يعبث الأطفال حولكِ ، ويتسلقوا أفانينكِ الريَّانة ، ويصطادوا الطيور التي تأوي إليكِ ، فاتكئي على حائطٍ تهدَّمَ بعضه –طالما كنتِ له ظلًّا ظليلًا ، وسترًا من الغيث المنهمر- ليحملَ بعضَ ما أثقلكِ ، وأشجاكِ !
أيتها الأثلة التي جفت أفانينها الريانة ، وتساقط هدبها على الأرض : وايم الله ، لهدبكِ الساقط أثمن من الكثير من أولئك الذين عرفتهم ، وتخلفوا في محطات من مراحل حياتي .
ولعبيركِ الذي يعبقُ ويضمحلُّ آثر عندي وأوفى من تشدق أولئك بالصداقة والأخوة والوفاء !
ولمشاهدة الطيور التي تأوي إليكِ بعد يومٍ مضنٍ من البحث عن الرزق ، آثرُ عندي من وقتٍ أُمضيه مع أولئك الذي عرفتهم ، ولشدوها عند الأصيل ، أعذبُ في السمع ، وألذُّ في القلب من نَجيِّهم ، وأحاديثهم ، وتشدقهم –كذبًا- بالصداقة والأخوة الزائفتين !
مضوا عند أَوَّلِ هَبَّةِ رَخَاءٍ –بمروءتهم- التي فرضتْ عليهم المُضيَّ ، والإشاحة دون بادرة سوءٍ بدرتْ مني ، مُيّمِّمين وُجُوْهَهُمْ شَطْرَ تلك النسمة !
مضوا –بمروءتهم- مبقين غُبَارَ أَحْذيَتِهِمْ ، سَهَكَ عَدْوِهِمْ ، لُهَاثَ طَمَعِهِمْ فِيْمَا أَمَامَهُمْ ، وقد طَوَيْتُ صَفْحَتَهُمْ ، ومَزَّقْتُهَا من كتاب حياتي ، وأَحْرَقْتُهَا وذَرَرْتُهَا مع رَمَادِ النِّسْيَانِ !
أيتها الأثلة : أتيتكِ مثقلًا ، لأبثكِ تباريح القلب ، ودنف الجسد –وكلانا وحيدٌ- فأصيخي إلى الشكوى ، فإنما يسعدُ الحزينَ الحزينُ !
أيتها الأثلة : نشأتُ طفلًا سعيدًا ، مفعمًا بالأنس والسرور في منزلٍ ملؤه السعادة والمحبة ، وفي مرابعِ الصبا مع أترابي وأندادي ، ...
عبد العزيز فارس الحرف
كان المرور هنا بعين أديب مبدع
ونظرة كاتب ملهم
أخرج من مشهد الاثلة حكاية لم ترويها الاجيال بعد
قصة ثبات الجذور رغم العواصف والمطر
قصة ظاهرها شي وبباطنها مكنون عظيم
تدفق الجمال من فيض حرفك
فكان كالماء العذب في صحراء قاحلة
مبد وخالقي ! راقتني وبشدة
دمت بهذا الالق
ياربّ صبراً منكَ ارتوي منه كلما
اشتقت لأختي وسكينة تنزل على قلبي عندمااحنٌ لرؤيتها اجعلني يالله
خيرُ اخت لها و لا تجعلني ألهُو عن دُعائي لها
رحلت عني ولم ترحل مني ربي انها ليست معي لكنها في
قلبي وفي دعائي اللهم ارحم اختي فقيدتي بقدر اشتياقي لها