07-09-2025, 12:03 AM
|
|
|
|
|
عضويتي
»
9
|
جيت فيذا
»
Aug 2022
|
آخر حضور
»
يوم أمس (11:09 PM)
|
آبدآعاتي
»
1,274,636
|
مواضيعي
»
3214
|
الاعجابات المتلقاة
»
15741
|
الاعجابات المُرسلة
»
485
|
حاليآ في
»
|
دولتي الحبيبه
»
|
جنسي
»
|
آلقسم آلمفضل
»
الأدبي ♡
|
آلعمر
»
17 سنه
|
الحآلة آلآجتمآعية
»
مرتبط ♡
|
التقييم
»
         
|
|
|
|
مَزآجِي
»
|
|
|
|
السّمُ الذي خُبز ..


السّمُ الذي خُبز..
الشخصيات..
"وجوه في مرآة الجريمة"
رياض.. محقق أربعيني؛ هادئ الطباع؛ ذكي ومتأمل .
عمار.. خمسيني؛ غامض قليل الكلام .
زهرة.. ستينية؛ تُرى جثتها فقط وتظهر كصوت لاحقًا في مونولوج داخلي .
القطة البيضاء.. ليست شخصية ناطقة؛ لكنها حاضرة بدور رمزي حاسم .
الفصل الوحيد..
"السكينة المسمومة"
في طرف الريف المبتور.. حيث لا تصل إشارات الهواتف ولا تمر الرياح
إلا بعد إذنٍ من الأشجار، قامت مزرعة صغيرة بحجم كفّ
مهجورة كأنّها تنام تحت لُعنة وتغفو على صوت البوم .
كوخٌ خشبيّ مائل.. سقفه من ألواح الصفيح القديمة، يتنفس صدأ الزمن
المطبخ في العمق صغير بما يكفي ليخبّئ سِرًّا في حفنة طحين
طاولة خشبية وفرن بدائي؛ نافذة مغطاة بستارة باهتة
في الركن الأيمن برميل ماء، وفي الخلف باب يؤدي إلى الحقل .
الهدوء كثيف.. الإضاءة خافتة تميل إلى الصفرة .
في الخلف رقعة ترابية تُنبت الذرة كما تنبت الأسرار ببطء وبصمت .

والبئر ابتلعت كتابًا منسيًّا.. وقصةً لا تنتهي
بكل سرِّها المخبوز وصمتها النازف على حوافّ الخبز والخذلان ..
" نِثَارُ الْغَيْم "
|
|
|
|
|
المشهد الأول..
"الخبز الذي لم ينضج"
ضوء يسلّط على جثة ممددة أرضًا . سكون تام . يعلو صوت خطوات بطيئة .
يدخل رياض يرافقه عمار .
المكان ساكنًا أكثر من اللازم في تلك الظهيرة، حين وُجدت جثة السيدة زهرة
ممدّدة على أرض المطبخ الخشبي حولها بقع من الطحين.. وقطرة دمٍ واحدة .
الغريب أن وجهها لم يكن مذعورًا ، بل مائلًا إلى السكينة كما لو أنها ماتت وهي تصغي لحكاية جميلة .
عمار وبملامح حجرية؛ قال بصوت متين
"وجدتها هكذا حين عدت من السوق.."
رياض تجوّل في المكان بحذر.. كمن يقرأ قصيدة مدفونة.
لا نوافذ مفتوحة؛ لا أبواب مخلخلة . في الفرن خبزٌ لم ينضج .
وعلى الطاولة نصف تفاحة قد بدأت بالأكسدة . لا آثار لكسر أو اقتحام
كل شيء مرتب أكثر مما ينبغي .
لكنه لاحظ شيئًا.. أثر حذاء طينيّ واحد فقط في زاوية الكوخ .
ينحني بجانب الجثة ، يتأمل بقعة الطحين وبقعة الدم الوحيدة
خبزٌ لم يكتمل.. ونهايةٌ تامة .
ينهض ويشير نحو الأرض "هذا الأثر حذاء طيني واحد؟ هل دخل أحد غيرك الكوخ اليوم؟"
عمار بهدوء "لا أحد.. أنا وحدي كنت بالحقل
المطر هطل قليلًا.. ربما أثرٌ قديم" .
رياض وبلهجة التحقق "ولكن الأرض طينية منذ الليلة الماضية فقط" .
نظرة طويلة متبادلة.. القطة تمرّ من خلفهما تتوقف قرب الفرن وتلعق شيئًا على الأرض .
رياض يتابع القطة بعينيه وعمار يراقب بصمت .
لحظة خاطفة.. لكنها كانت كافية .
ثوانٍ فقط؛ ثم ارتجف جسدها فجأة ، تقوّست كأنّ ريحًا عبرت عظامها
ثم سقطت بلا صوت.
عينان زجاجيتان تحدّقان في العدم ، وأنفاس انقطعت قبل أن تُفهم .
رياض "حتى القطط تعرف أين وقعت الكارثة؛ لا أحد يلعق الفراغ بلا سبب" .
سأله "هل كنتَ في الحقل قبل السوق؟"
أجابه عمار "نعم، كنت أحرث البقعة الشرقية .
المطر كان خفيفًا؛, لم يترك كثيرًا من الطين" .
فكّر رياض.. الطين يظهر تحت الحذاء فقط إن كان مبتلًا حديثًا ..
|
|
|
|
|
المشهد الثاني..
"البئر التي لا تعكس الصوت"
في المساء.. جلس رياض أمام مدفأة الكوخ يتأمل تفاصيل الصمت .
ثم خرج إلى الحقل.. إضاءة زرقاء باهتة؛ تأمّل خُطىً شبه مطموسة
تتجه نحو بئر مهجورة.. يسير ببطء نحوه
اقترب أكثر كان الحبل مقطوعًا؛ والدلو بلا ماء . نظر إلى الأسفل ، ثم تنبّه فجأة
البئر لا تعكس الصوت .
ينظر إلى الحقل ثم إلى السماء.. ويحدث نفسه..
"لا ضجيج سوى صمت التراب ؛ لا صراخ سوى قطرة دم" .
كل شيء يشي بالبراءة ، كأنّ الجريمة لم تُرتكب.. بل اختارت أن تُنسى .
يصل إلى البئر.. ينظر داخله يسحب دلوًا فارغًا ، ثم ينتبه إلى خيط مقطوع .
يهمس.."شيءٌ ما أُلقي هنا".. لكنّه لم يمتنع عن النبض .
عاد أدراجه استجوب عمار مجددًا . وفي أثناء التحقيق لاحظ أن يد عمار اليمنى بها خدش طوليّ نظيف .
سأله "من أين هذا الخدش؟ لا يشبه أشواك الحقل".
أجابه "شجرة توت غصنها أزلقني" .
رياض.."لكن.. لا توجد شجرة توت في الخريف" .
قُل لي.. ما آخر شيء طهته السيدة زهرة؟
عمار.."خبز الشعير.. وصفة قديمة كانت تقول إنها تطرد السموم" .
يمرّر رياض إصبعه فوق الطاولة يشمّ أثرًا.. ثم يفتح باب الفرن ويتأمل قطعة خبز غير مكتملة النضج .
|
|
|
|
|
المشهد الثالث..
"الوصفة التي خبزت الموت"
ضوء أبيض باهت يغمر المكان.. يجلس رياض وحده في الكوخ ، يدوّن ملاحظاته بصوتٍ داخلي
بينما تُضاء البقع الهامة من المسرح تدريجيًا
"الجثة ، القطة البيضاء ، قطعة الخبز ، الحذاء الطيني ، البئر" .
صوت زهرة يُسمع كهمس داخلي؛ كأنه قادم من داخل البئر أو من رحم الأرض .
"قُلتُ له لا تضع الكثير من الخميرة.. أن لا يخلط الحَبَّ بالشُّبهة .
لكنه أصرّ على أن يخبرني عن وصفةٍ من كتاب غريب
كنت جائعة لا للحياة.. بل للخبز. ولم أكن أعرف أنّه آخر فتاتٍ أبتلعه".
رياض يرفع نظره.. كأنّه سمع الصوت وببطء همس
"القاتل لم يحمل سكينًا.. بل وصفةٍ ، والضحية كانت تثق به" .
رياض وهو يكتب تقريره..
"في مزرعةٍ لا تتجاوز حدودها ظلّ شجرة ، رُتبت جريمة بمكرٍ فادح وبساطة مميتة
جريمة ناعمة بلا عنف.
لا أدوات قتل.. لا دماء.. لا معركة.. بل وصفة.. وقطرة دمٍ لا تخصّها .
خدعها بوصفة خبزٍ، دسّ فيها سُمًا لا يُرى . أمّا أثر الحذاء فهو خطأه الوحيد
خرج حين المطر بدأ ثم عاد.. نسي أن يبدّل حذاءه .
قطرة الدم من خدشه حين ألقى الكتاب في البئر؛ فانشقت خشبة مهترئة عند حافتها وجرحته" .
|
|
|
|
|
المشهد الرابع..
"البئر وذروة الكشف"
المشهد الخارجي..
الليل يهبط ؛ رياض يسير نحو البئر في الحقل الخلفي , يتفحّص الحبل المقطوع ويُنزل ضوءً داخله .
وبصوت داخلي "البئر صامتة.. لكنّها تحمل نفَسًا كُتب فيه شيء" .
كتابٌ مرميّ.. أوراقه ممزقة عنوانه "السمّ في المطبخ الشعبي" .
أظنّنا وجدنا الوصفة .
"منذ لحظتي الأولى.. علمت أن الجريمة لا تصرخ؛ بل تهمس .
السمّ دُسّ في خبزٍكانت تنتظره بشغفٍ أمومي .
القاتل يعرفها.. يعرف عاداتها وميلها للمخبوزات الشعبية
واستخدم كتابًا نادرًا.. عن سموم المطبخ ، مزّق صفحاته بعد أن حفظ الوصفة ."
يتّجه نحو عمار الجالس صامتًا في الزاوية ، تحت بقعة ضوء باردة
"أنت لم تكن تهدف لسرقة أو انتقام ، بل… تملُّك .
عمار.. بصوت متماسك "كانت ستبيع المزرعة وتُغادر؛, وأنا؟ بقيتُ أحرس الذرة والقطط والطين
منذ موت زوجها ، لم تعد ترى وجودي؛ حتى القهوة كنتُ أعدّها ، وتقول إن طعمها صدفة .
رياض.. "صدفة؟ لا. لم يكن في هذه الجريمة شيء اسمه "صدفة"
كلّ شيء فيها.. نُسج بدقة ‘‘الخبز ‘‘دقيق ، ماء ، نار وسُمّ .
صوت زهرة يتردّد من الخلفية ، ينبعث من شقوق الجدران .
عمار.. كنتَ كظلّي لكنّك ، كما الظل لا تُلمس ؛‘ لم يكن الحبُّ أن تخبز لي موتي .
|
|
|
|
|
المشهد الأخير..
"نصيب القطة"
إضاءة حمراء تغمر الكوخ فجأة.. عمّار ينظر إلى الطاولة ، ثم إلى القطة الميتة
تنهار ملامحه؛ يسقط جالسًا دون مقاومة .
رياض يختم التقرير بصوت هادئ
"أُغلِقت القضية.. القاتل اعترف والبئر امتلأت أخيرًا بسرّ جديد .
لكنني ما زلت أتساءل "هل ماتت زهرة من السم.! أم من الخيبة؟ "
رياض "هل تعرف يا عمّار ما الذي لم تُحسِبه؟"
أن الموت حين يُخبَز، يُقسّم .
ونصيب القطة من الجريمة.. أحيانًا يفضح الطاهي .
لم تكُن تنتقم.. كُنتَ فقط ترفض أن تُترك .
زهرة أرادت بيع المزرعة أليس كذلك؟
عمّار بصوت مُحطَّم.. كنتُ ظلّها حتى نسيت أنّ للظلّ حاجات .
أعددتُ لها الخبز الأخير لا لتأكل ، بل لتبقى .
رياض بصوت ثابت ..
أخطأتَ في عدِّ الضحايا يا عمّار؛ نسيت أن القطط تأكل دون إذن .
عمّار لا يرد فقط ينظر نحو القطة بملامح متجمدة .
رياض يبتسم ابتسامة شبه ساخرة
كمن وقع على القطعة الأخيرة في أحجية معقدة .
وبصوت داخلي وهو يسير بعيدًا:
"القطة.. لم تكن شاهدة ، كانت الضحية الثانية وفي فمها كلّ الإجابة".
(ينطفئ الضوء تدريجيًا.. وتبقى بقعة ضوء أخيرة على قطعة الخبز غير المكتملة؛، ثم تبهت).
البئر ابتلعت كتابًا منسيًّا.. وقصةً لا تنتهي؛ بكل سرِّها المخبوز
وصمتها النازف على حوافّ الخبز والخذلان ..
" نِثَارُ الْغَيْم "

|
|
|
|
|
|
10 أعضاء قالوا شكراً لـ زمرد على المشاركة المفيدة:
|
|
|