منتديات زاخر الغيم

منتديات زاخر الغيم (https://zalghaym.com/vb/index.php)
-   قسم القصص والروايات الحصرية لـ زاخر الغيم (https://zalghaym.com/vb/forumdisplay.php?f=99)
-   -   جُرم كبيرة .. (https://zalghaym.com/vb/showthread.php?t=16715)

زمرد 11-27-2022 09:07 PM

جُرم كبيرة ..
 


رآها تُطل من نافذةٍ زُجاجية مُبروزة بالفُوم والاستيل الذهبي
محاطة بسقفٍ جبسي
كانت كالبدر تُشرق عينيها بالدفء
‏ومن بريقهما ترتدُ الروح ، شفتيها كحبات التوت
رقيقةُ الأنامل بيضاء الكُفوف
أنْسته من هُو فوجد نفسه أسيرها
بات قلبه دُونها بلا ثبات والحياة غدت من غيرها كالممات
لم ترا عينهُ أجمل منها يقفُ عن وصفها لسان ويعجز القلم والبيان
حين كان ينتظر خطيبته بجانب أحد المقاهي ، فلما رأتهُ ينظُر إليها
وضعتْ إصبعها في فمها ثُم ألصقته بإصبعها الأُخرى
ووضعتهما على أيسر صدرها ، أطرقتْ برأسها وأغلقتْ النافذة
فثار في جوفيه بُركان واشتعلتْ في قلبه نار ، حتى زاد به الإستعار
وأعقبتهُ النظرة ألف ألف حسرة ، فلم يسمع ما قالتْ ولم يفهم لما به أشارتْ
ونسي أنه ينتظر من ستكون بيومٍ حليلته سكنه وسكينته
في اليوم التالي ذهب بنفس الموعد ولنفس المكان عله يرى منها أيًا كان
انتظر وانتظر إلى مغيب الشمس على جمرٍ يستعر ، لم يسمع حسًا ولم يجد منها خبر
فلما يئس من رُؤيتها قام من مكانه ، فإذا به يسمع صوتًا
رفع رأسهُ عاليًا وعيناه على تلك النافذة لم يرى إلا منديلًا
من قماشٍ أبيض يقعُ عليه أرق من هبة النسيم وألطف من شدو الترانيم
مسكه بيده ورفع رأسه لينظر من أين سقط فوقعتْ عينيه في عينيها
اضطرب كُل ما فيه وبات في طربٍ عظيم
ضمهُ بيده واشتمه ، مُضخم‏ بالروائح الزكية تخللتْ مسامه عاطرةٌ ندية
نشر المنديل بين يديه تفتحتْ سرائرُه وبانت في الوجه بشائرُه وكُل شُعورٍ بدا يُزاورُه
فرأى في إحدى طرفيه مُسطرٌ فيه
( يا مالكًا قلبي وسيد نبضي تمدد في حنايا روحي
وارتشفني عشقًا واقتل الرجفة بالتحامٍ حين تضمني
)
ومُسطرٌ في الطرف الآخر
( يا مالكًا قلبي لو الحُب يُلقح ويُنجب من رحم قلبه
صغار نبضٍ لملئتُ بهم لكَ العالم ولعلمت بصراخهم كم أُحبك
)
فلما رأى ما على المنديل من كلام اشتعل فتيلُ الهيام
انطلق وتوارى عن الأنظار وقد زادت به الأفكار
حائرًا لا حيلة له في الوصال ولا يعلم في العشق تفصيل الإجمال .



.....................
يتبع ....


زمرد 11-27-2022 09:08 PM


في اليوم التالي إلتقى من كان يظُن أنها حبيبة وفي حياته هي الرفيقة
لما رأته مسحتْ دُموعها أقبلتْ عليه وكأن شيئًا لم يكُن
سألته عن سبب غيابه ، وأخبرتهُ أنها جالسةً تنتظر حضوره
مالذي جرى لكَ حتى تأخرت إلى هذا اليوم ؟
ومن كثرة ما تعشقهُ كانت تخشى عليه من عيون الناس أن تُؤذيه
ومن أن تُفتتن به إحداهُن فهي من تُحبه وتؤويه
فقال لها : جرى لي كذا وكذا وأخبرها بالخبر ولم يبالي بقلبها
أخذت المنديل وقرأتْ ما فيه تعتصرُها الغيرة وعينان تغتصبهُما الحيرة
منعتْ دُموعها من الصُراخ وأخرستْ شهقات النواح
سألته فما أشارتْ به إليكَ وماذا قالتْ ؟
فقال لها : ما نطقتْ بشيء غير أنها وضعتْ إصبعها في فمها
وقرنتها بالإصبع الأُخرى وجعلتهُما على أيسرِ صدرها
انتظرتُ أن تُطل فلم تفعل ، أخذتْ قلبي معها وزادتْ بي الأشواق
ومالي من هواها من واق ، هذه قصتي وليتكِ تُعينيني بما بُليت ففراقها لا يطاق
قالتْ له : والروح تحتضر بين أضلُعها فكلامه عنها كخنجرٍ مسمومٍ متعفنٍ يطعنها
لو طلبتَ عينيَّ لأخرجتها لكَ من جُفوني ولا بُد لي من لم شملكما
فإنها مُغرمة بك كما أنك مُغرمٌ بها
كانتْ تُحاول صقل الكلمات لتخرُج من حنجرتها ناعمة ومن أي حشرجةٍ خالية
كي لا تُدمي قلبه وتزيد من همه
سألها وما تفسيركِ لما أشارتْ به ؟ فقالتْ له
وضجيجٌ يُهشم داخلها ونظرة بابتسامةٍ تخنقها عبرة
لما وضعتْ إصبعها في فمها فهي تعني أنكَ عندها بمنزلة رُوحها من جسدها
وإشارتها بإصبعين أنها ستلتقيكَ مرة ثانية ذات حين
ولما وضعتهما على صدرها فهي تُخبركَ أنكَ بداخلها فتطمئن
فلما سمع منها ذلك شكرها واطمأن فروحه لها تحن
وأردفت قائلة : اعلم يا حبيبي أنها لكَ عاشقة وبكَ واثقة
فطب نفسًا وقر عينًا
ثم أخذتْ تُسليه بالكلام وطلبتْ له الطعام فما قدر وامتنع وهجر لذيذ المنام
وأيقن أنهُ ما عشق قبلها ولا ذاق حرارة العشق إلا في هذه المرة
جُرمُ كبيرةٍ يُحدثها عنها وما علم أنه يكوي صدرها بجمرة
من ذاك اليوم وكُل يوم يمضي لذاك المقهى عله يجد لها أثرًا أو يسمع منها خبرًا
وكانتْ خطيبته في كل مرةٍ وقبل أن يتركها تدعو له
قضى الله حاجتك وبلغكَ مقصودكَ من محبوبتك .

حكايةُ أفكارٍ وليدةُ خيالٍ جامح ..

" نِثَارُ الْغَيْم "

شذى♛ 11-27-2022 09:10 PM

واي حرفا شدنا للقراءة من اول النص لأخره
كل المشاعر هنا فاضت لاجل غيثك
حرفك انسكب كطهر السماء وعذوبة الشهد
كانت هنا لغة فريدة وسرد ممتع
وكم هائل من المشاعر الصادقة
دام لنا فكرك وخيالك الباهر
لك فائق الاحترام والتقدير





توشم بختم التميز
وترفع لتعانق الغمام
وتضاف لك مكافاة الادارة

:261::261:

شذى♛ 11-27-2022 09:10 PM

تمت الاضافة :121:

القلب 11-27-2022 09:23 PM

/.

خيال بارع في سرد الافكار وترتيب الاحداث والصور
شجن حرف يقص حكاية من حكايات العشاق وما ينتاب تلك اللحظات من فصول
تحمل روعة اللحظات وكل الامنيات ، ابداع حرف شكل لنا اروع الحكايات
طاب وثير الحرف والقصص وللمزيد من فيض عطاءآتك ننتظر
شكراً لك وبحجم ما كتب وروعتك لك وافر الاحترام والتقدير
:rose::rose:

جنون ♡ 11-27-2022 09:37 PM

لجهودكم باقات من الشكر والتقدير
على المواضيع الرائعه والجميلة

ايلا 11-27-2022 10:41 PM

حكاية مميزة كل الشكر والتقدير لجهدك وعطائك
تمنياتي لك دوما بـتـمـيّــزك
سلمت أناملك على الابداع
ونترقب المزيد من جديدك القادم
تحياتي واحترامي

زارع الريحان 11-27-2022 10:56 PM


سيدتي زمرد
الوصف في منتهى الروعة و الجمال
مقدرة كبيرة على تصوير النفس من الداخل
شكراً لكِ على هذا الإبداع و على هذه الروح الشاعرية التي انعكست في كل لفظة و في كل عبارة .
و لكن لي تحفظ على سلبية الانفعالات التي حركت أحداث القصة
رااااااائعة يا سيدتي قلم ساطع و فن ماتع
.
مع شكري و تقديري
.
زارع الريحان

ميلانا 11-27-2022 11:04 PM

قصة ممتعه

شكرا لك الطرح
يعطيك العافية
وبإنتظار القادم
تحياتي

زمرد 11-27-2022 11:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زارع الريحان (المشاركة 291640)


و لكن لي تحفظ على سلبية الانفعالات التي حركت أحداث القصة
.
زارع الريحان


أستاذي زارع الريحان
شرف لي قراءتك الواعية
وإطراؤك محل امتنان بحجم غيمة ماطرة
كما يسعدني أن تثريني بنقدك
وسأعتبره درسًا أُلجم به خطئي إن وجد .

وعُذرًا لتجاوزي من سبقوا بالرد
ولي عودة تليق بسموهم ..


الساعة الآن 01:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
دعم وتطوير نواف كلك غلا