![]() |
الحنينُ تِنّينٌ بعدّةِ رؤوس ..
|
الحنينُ هذا الصباح.. كانَ طفلًا صغيرًاخرجَ من جيبِ قلبي يرتدي كنزتي القديمة ويحملُ في يدهِ كيسَ السكاكرِ الذي لم يُكملْه أحد . قال لي وهو يركضُ بينَ أضلعي "تعالَ نلعب.. قبل أن تشتدَّ الحياةُ علينا." لكنّي كنتُ طويلةً عليه مُثقَلقً بسنواتٍ لا تنحني فبكى... وانكمشَ على عتبةِ روحي،؛ ثمّ نام وكلّما صمتَّ/.. سمعتُ شهقته . |
الحنينُ هذه اللحظة.. كانَ أخرسَ... يمشي على أطرافِ الصمت ويحملُ مرآةً لا تعكسُ أحدًا . ظهرَ في زاويةِ الغرفة كرجلٍ يرتدي معطفَ الغياب يطرقُ بابًا لا وجودَ له وينتظرُ أحدًا لا يعود . لم يتكلّم..! لكنّهُ حدّقَ فيَّ كما تفعلُ المقاعدُ الفارغةُ حينَ أجلسُ قبالتها . وحينَ سألتهُ بعينٍ ترتجف:"لِمَ عدت؟" أدارَ وجههُ نحوَ الفراغ.. وأشارَ إلى الساعة . كانت متوقفةً/.. عندَ لحظةِ الفقد . |
التسكّعُ.. وجهٌ غير مألوف للحنين لكنه أكثرها مكرًا ودهاء . رأسٌ لا يهاجمني.. بل يصحبني كصديق قديم يمشي بجانبي,، يصمت معي يُشير فجأةً إلى رصيف.. فينهار قلبي دون صوت . الحنينُ هذا اليوم/.. لم يُهاجمني.. بل سارَ بجانبي كظلٍّ لا يُلقي السلام وهمسَ لي: "لِنتمشَّ قليلاً." تسكّعنا في الطرقاتِ التي حفظتُ أسماءَها من شدةِ التكرار لكنّي اليومَ نسيتُها كأنّ الحنين هو من كان يقودُني . مررنا بمقعدٍ خشبيٍ لا يزالُ يحتفظُ بحرارةِ حديثٍ قديم وحيّينا بابًا صدئًا يُشبهُ آخر وداع ثمّ دخلنا زقاقًا ضيّقًا شممتُ فيه رائحةَ صوتِه . لم نقل شيئًا.. لكنّي كنتُ أُحدّقُ في الأرصفة كأنّي أبحثُ عن جملةٍ سقطت منّا ذات مساء . الحنينُ حين يتسكّع.. لا يُريدك أن تبكي بل أن تُرهَق من الفراغ أن تعودَ إلى البيت متعبًا كأنّك ركضتَ خلفَ أحدٍ لن يأتي . |
آهـٍ… الفاجعة الرأس الكامن في عمقه لا يُطلُّ دائمًا لكنه حين يفعل لا ينهش.. بل يفجّر القلب من الداخل ويتركني أبحث بين الحطام عمّن كنتَ . الحنينُ هذا الوقت.. لم يأتِ مشيًا بل انفجرَ في صدري كألفِ صدى . لم يحمل اسمًا ولا وجهًا بل حملَ رائحةَ ما لم أستطع إنقاذه . كانَ صوتَ البابِ حين أُغلِقَ ولم يُفتَح وكانَ النظرةَ الأخيرة التي لم أعلم أنها الأخيرة وكانَ يدي وهي ترتجفُ على كتفِ الحياة تسألها: "لماذا؟" كلّ الأصواتِ عاديةٌ حينَ تمرّ إلا صوتَ من رحلوا.. يمكثُ يرتدُّ يُقيمُ في تجاويفِ العظام لا يبكي بل يُصلي بصمتٍ مكسور .. |
الهجير.. ذاك الرأس الحارق الذي لا يأتيني باردًا كالفقد؛، ولا مبلولًا بالدمع بل يهجمُ كنزيفِ شمسٍ في كبدِي كأنّي أشتاقُ في عزّ احتراقي ولا أحد يراني أذوب . الحنينُ هذا النهار جاءني عاريًا من الظلال يصفعني بشمسٍ أعرفها شمسٌ مرّت بي وأنا أضحك ثمّ لم أعد أراها كما كانت . كانَ الهجيرُ في صدري كصوتِ اسمي في فمٍ راحل كضوءٍ يُلهب الذاكرة ولا يدفئ . أركضُ إليه كعطشانٍ إلى ماءٍ مالح كلّما شربتُ،؛ احترقَ أكثرة. فيه تتحوّل الذكرياتُ إلى سراب أراها تلمع/.. أقترب ثمّ أكتشف أنّها ليست هنا،’ ولم تكن . |
آهٍ من الدوّامة.. ذاك الرأس الذي لا يملك أنيابًا.، بل يدور يدور بي حتى لا أعودَ أعرف في أيّ زمنٍ أحيا ولا أيّ فقدٍ يؤلمني أكثر . ليست صدمة؛, بل دورانٌ مستمرّ كأنّ الحنين يسحبني من يدي ثم يتركني فجأة في منتصف العاصفة أدور حولَ نفسي/.. وأظنّني أذكر . الحنينُ هذا الصباح.. لم يأتِ من بابٍ أو نافذة بل دارَ حولي ببطءٍ مقلق كأنّه كانَ يختبرُ توازني ثمّ دفعني إلى المركز . تدورُ الذكرى.. تدورُ أكثر ثمّ تفقدُ شكلَها وتغدو وجُوهًا مركّبة ضحكاتٍ لا تتطابق مع وجعها وأسماءً بلا وجوه . حاولتُ الخروج.. لكنّ الزمنَ انكفأ وطفولتي صارت تركض خلف مراهقتي وعيناي تلمحانها تبتسم في زاويةٍ ما ثم تختفي . |
ذاك الحنين الغريب الذي يأتيك دون دمعة بل بابتسامةٍ صغيرة تشبهُ شهقةَ رضا... أو نُقطة ضوءٍ في آخر الحكاية . حنين يبتسم.. لم يُؤلم لم يُؤنّب لم يُوقِظني على بكاءٍ كأمسه بل مرّ بي.. كما تمرّ نسمةٌ على خدّي تُضحكني… ثم تُذكّرني كم اشتقت . هو الحنينُ حينَ ينضج حين يُصبح صديقًا لا يُباغتني بل يجلس قربي دون حديث ويضع يده على قلبي… ثم يقول:"نجوت." لا يُحملني الذكرى كعبء بل كهديةٍ لم تعد تؤلمني وابتسامةٍ تنبت من رمادِ ما مضى ولا تريد شيئًا… سوى أن أظلّ ممتنةً لأنّي عشتها . الحنينُ حين يبتسم.. لا يعني أن الوجع رحل بل يعني أني صرت أعرفه وصار يعرفني فعقدنا صلحًا صامتًا تسكن فيه الذكرى… دون أن تسكنني . |
هنا مساحة اكتسها الجمال والابداع والعذوبة
بوركت حروفك وكلماتك السامقه حروف توشم في عقولنا قبل قلوبنا "" تمنح مكافاة الادارة وتوشم بختم التميز وتم التبيث من قبل المشرفة مشكورة كل التقدير والاحترام لكم :261::261: |
التنهيدة... ذاك الوجه الهادئ العميق الذي لا يعلو صوته؛، ولا يطرق الباب بل يخرج من القلب كأنّه يهرب من زحام الذاكرة . الحنينُ.. كان تنهيدةً طويلة خرجت من صدري كأنّها حملٌ قديم لم يُحمل بالكلام بل أُسند للأنفاس وتراكم مع الوقت في تجاويف الصدر . لم يكن حزنًا صريحًا ولا فرحًا ناقصًا بل شيءٌ بينهما يشبه طيفًا مرّ فجأة أو رائحةً تسرّبت من ماضٍ لم يُنسَ . في التنهيدة كل شيءٍ مختصر اسمٌ عالق موعدٌ لم يأتِ رسالةٌ لم تُرسَل ووداعٌ لم يُقال . الحنينُ حين يكون تنهيدة. لا يطلب إنصاتي بل يتسلّل خارجي كما الدمع حين لا يُذرف يرتّب فوضاي للحظة ثم يتركني أكثر وعيًا بما لا أقدر على نسيانه .. |
الساعة الآن 07:28 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
دعم وتطوير نواف كلك غلا