زمرد
04-23-2024, 12:18 PM
ليلةٍ قاسية باردة ، مرعبةٍ مظلمة ورياحٍ عاصفة .
المطر يهطل فيها بشدة استمر لساعات
برقٌ يخطفُ البصر ، ورعد يزلزل السماء
وصوتُ صفير الريح تهتزُ منه النوافذ .
قضت الليل كله تفكر كيف للصبح أن يهب الحياة
لكل الأشياء ، ويُنزل السكينة عليها والأمان .
تسكُن الأنفس وتبتهج الأرواح .
تُشرق الشمس تنشُر خيوطها الذهبية
تتغلغلُ في الأعماقِ ، وكأن السماء
أهدت الكون معطف الدفئ .
كان الوقت يُداهمها فقد حان موعد ذهابها للمستشفى.
عقصت شَعرها الكستنائي للخلف وزينته بشريطة
نظرت إلى نفسها في المرآة ،
وضعت القليل من مساحيق التجميل .
رشت العطر وقد تأنقت بزيٍ زاهي الألوان
ارتدت معطفها الأسود الطويل .
فبدت ساحرة بلونها الأبيض وبشرتها الناعمة
عيناها الخضراوان ، ملامحها الباسمة ، فالجميع يتفق
على أنها أجمل الجميلات .
نظرت إلى ساعتها وكأنها تخبرها حان وقت الخروج .
ابتسمت بحيويتها المفرطة ، وهمست بصوتها العذب الرخيم
" لن أسمح لأحد أن يُعكر مزاجي "
وكأنها تُطمئن نفسها بِنفسها .
حملت بين يديها بالطوها الأبيض وحقيبتها الصغيرة .
خرجت للشارع وكل زاوية تعكس جمال تلك الليلة
طرقات مبللة ، رائحة المطر تفوح عبقًا في الأرجاء
أُغنية فيروزية ، هدوء وسكينة .
رفعت عينيها للسماء ، ضمت يديها ببعضها
كدرعٍ تحتمي به وفرح يعانق روحها
فقد كانت ليلة مبهرة وصباحٌ مختلف .
ركبت سيارتها السوداء الصغيرة من طراز" Fiat "
وتوجهت مباشرة إلى المستشفى .
حين وصلت وقبل أن تنزل وضعت
بطاقتها التعريفية على صدرها .
راحت تمشي بخطىً ثابتة مُتزنة ، مرت من بين الجميع
بكل ثقة بقامتها المتوسطة .
على شفتيها ارتسمت ابتسامة أُنثوية
وعنوان البراءة في عينيها
حلوة فطرتها وعفوية طبيعتها .
توجهت مسرعة إلى قسم التأهيل الطبي والعلاج الطبيعي
" العلاج الفيزيائي "
فقد كانت فخورة بكونها معالجة لأنها أحبت التخصص وبشغف
تفوقت خلال سنوات الدراسة الجامعية .
في بعض الأحايين تتعب نفسيًا ، لكن الثناء والمديح
الذي تسمعه يعوضها عن صدمات الطوارئ
أو دعوة من مريض تبعد عنها الكدر .
فتحت باب عيادتها بحماسة وباشرت في مقابلة المراجعين
دخل زائر جديد أسّتفز أنوثتها بلوُنه الحنطي وطوُله الفارع
ملامحهُ العذبة وبريقُ عينيه ، بادرها بالسلام ، بحة صوته مُسكرة .
لا تدري لِمَ هذا الشعور الغريب أحسته تجاه هذا المريض
على الرغم من الحالات الكثيرة التي أشرفت
عليها في خلال فترة عملها القصيرة ، إنها المرة الأولى
التي أحست أن هذا الشخص لن يمر مرورًا عادياً في حياتها .
لم تجرب شعور الحب أبدًا ، بل لم تكن تؤمن به
حتى أتى مريضها إلى عيادتها ، شعرت للمرة الأولى
بخفقان قلبها لأول رجل في حياتها .
يبتسم لها بلطف ويقترب حتى ابتسامته أمان
سرقتها من عالمها تنسابُ كالنور بأعماقها
فلا تُدرك ماهية الزمان أو المكان .
تفحصت ملفه ( يُعاني من شدٍ عضلي في منطقة الرقبة )
كان يُصيبه بشكلٍ مُتكرر ، يستخدم له مرخيات ومسكنات
لكنه يحتاج لجلسات علاجية طبيعية .
كانت حالته تحتاج ما بين ستٍ إلى ثلاثِ جلسات .
مشاعرُها مُبعثرة تجاهه رُغم عمقها
مازالت عيناها الخضراوان تلمعان ووجهها يحمر خجلًا
كطفلة احتفظت بدهشة الدنيا حين يأتي موعده معها .
في آخر زيارة له قررت مصارحته واعترفت بحُبها
وكشفتْ لهُ عن مشاعرها التى باتت ليالٍ ترعاها في قلبها .
لكن للأسف أن مريضها أجابها ببرُود :
محطة جمعتنا وانتهى الوقت ، أراكِ مُعالجتي ولستِ حبيبتي .
شعرت بغصة مريرة في حلقها من حديثه
كان حبها له أعلى من نجمة توسطت كبد السماء
أبعد من أن يراه بعينيه اللوزية .
قاسية هي كلماته هشمت قلبها ، وكأنه صفعها حين أخبرها
بأنه لا يرى فيها مواصفات شريكة حياته ، كانت الصاعقة القاضية .
ثُقْل نبضِ قلبها مُنذ أن صارحته فقد أهلكها الشوق
تعلقتْ به فقلبها الباكي لا يمُدها بالقوة والصُّمود
تكتمُ دُموعها لكن تفضحها ارتعاشة شفتيها .
تنهيدةٌ زفرتها كانت كفيلةً لشرحِ كُل ما عاشته
وكُل ما أخفتهُ خلف ابتسامتها المزيفة .
حُب عَمرها الذي لا مناص ولا مفر من شركه
أذاب الرُّوح حد الغرق في متاهاتِ ملامحه .
تتصنعُ اللامُبالاة وهي تفتقدهُ وتفتقد لذة قُربه
كيف تتوب منه ، كيف تستعيد شغفها
ما زالتْ غاضبةً ، نيرانها تشبُّ ولا تهدأ
رفضٌ ، شوقٌ يُمزقُ الوجدان ، مُمزقة بين ذكرىً ونسيان .
في النهاية أي ألم أعظم من فقدان شخص نحبه
والأسواء من ذلك اكتشاف أن شخصًا نحبه قد تخلى عنا .
ربما لهذا السبب نرغب في الإختباء أو حماية أنفسنا .
لذا نضع قناعًا ، لا يصعب فهم السبب ،
الأمر الصعب هو معرفة أنه أحيانًا يكون القناع
هو حقيقتنا الفعلية .
موجوعة مفجوعة ، لكنها تحاول جاهدة إقناع نفسها
أن هناك أشياء كالحلم لا تعرف كيف بدات ولا كيف ستنتهي .
لم تكُن تعلم أن لبعض الكلمات شفرات حادة
كنصل السكين تذبح سامعها .
كانت دائمةً الهُروب من الأماكن والأشخاص
تخشى التعلق ، تخشى الفراق .
مازالت حتى الآن إذا ضحكت تخفي ابتسامتها
لكن ما زال لديها المزيد من الوقت
عليها أن تكُف عن القلق بشأن مامضى وتبدأ التفكير
فيما عليها فعله عليها أن تنسى الماضي وإلا لن تحظى بمستقبل .
هو قاسي جدًا وهي لا تُطيقُ القسوة
وبقدرِ ما أوجعها تخشى عليه من الوجع
تخافُ عليه كأمُه تشعر به رُغم بُعده .
وبقدر ما أحبته تحمد الله أن قلبهُ كجلمُود صخرٍ
كي لا يتأرجح على لظى الوجع .
https://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gifhttps://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gifhttps://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gif
ثرثرةُ حصرية ، وبين كُل حرفٍ وحرف جُرعة ألم ..
" نِثارُ الغيْم "
المطر يهطل فيها بشدة استمر لساعات
برقٌ يخطفُ البصر ، ورعد يزلزل السماء
وصوتُ صفير الريح تهتزُ منه النوافذ .
قضت الليل كله تفكر كيف للصبح أن يهب الحياة
لكل الأشياء ، ويُنزل السكينة عليها والأمان .
تسكُن الأنفس وتبتهج الأرواح .
تُشرق الشمس تنشُر خيوطها الذهبية
تتغلغلُ في الأعماقِ ، وكأن السماء
أهدت الكون معطف الدفئ .
كان الوقت يُداهمها فقد حان موعد ذهابها للمستشفى.
عقصت شَعرها الكستنائي للخلف وزينته بشريطة
نظرت إلى نفسها في المرآة ،
وضعت القليل من مساحيق التجميل .
رشت العطر وقد تأنقت بزيٍ زاهي الألوان
ارتدت معطفها الأسود الطويل .
فبدت ساحرة بلونها الأبيض وبشرتها الناعمة
عيناها الخضراوان ، ملامحها الباسمة ، فالجميع يتفق
على أنها أجمل الجميلات .
نظرت إلى ساعتها وكأنها تخبرها حان وقت الخروج .
ابتسمت بحيويتها المفرطة ، وهمست بصوتها العذب الرخيم
" لن أسمح لأحد أن يُعكر مزاجي "
وكأنها تُطمئن نفسها بِنفسها .
حملت بين يديها بالطوها الأبيض وحقيبتها الصغيرة .
خرجت للشارع وكل زاوية تعكس جمال تلك الليلة
طرقات مبللة ، رائحة المطر تفوح عبقًا في الأرجاء
أُغنية فيروزية ، هدوء وسكينة .
رفعت عينيها للسماء ، ضمت يديها ببعضها
كدرعٍ تحتمي به وفرح يعانق روحها
فقد كانت ليلة مبهرة وصباحٌ مختلف .
ركبت سيارتها السوداء الصغيرة من طراز" Fiat "
وتوجهت مباشرة إلى المستشفى .
حين وصلت وقبل أن تنزل وضعت
بطاقتها التعريفية على صدرها .
راحت تمشي بخطىً ثابتة مُتزنة ، مرت من بين الجميع
بكل ثقة بقامتها المتوسطة .
على شفتيها ارتسمت ابتسامة أُنثوية
وعنوان البراءة في عينيها
حلوة فطرتها وعفوية طبيعتها .
توجهت مسرعة إلى قسم التأهيل الطبي والعلاج الطبيعي
" العلاج الفيزيائي "
فقد كانت فخورة بكونها معالجة لأنها أحبت التخصص وبشغف
تفوقت خلال سنوات الدراسة الجامعية .
في بعض الأحايين تتعب نفسيًا ، لكن الثناء والمديح
الذي تسمعه يعوضها عن صدمات الطوارئ
أو دعوة من مريض تبعد عنها الكدر .
فتحت باب عيادتها بحماسة وباشرت في مقابلة المراجعين
دخل زائر جديد أسّتفز أنوثتها بلوُنه الحنطي وطوُله الفارع
ملامحهُ العذبة وبريقُ عينيه ، بادرها بالسلام ، بحة صوته مُسكرة .
لا تدري لِمَ هذا الشعور الغريب أحسته تجاه هذا المريض
على الرغم من الحالات الكثيرة التي أشرفت
عليها في خلال فترة عملها القصيرة ، إنها المرة الأولى
التي أحست أن هذا الشخص لن يمر مرورًا عادياً في حياتها .
لم تجرب شعور الحب أبدًا ، بل لم تكن تؤمن به
حتى أتى مريضها إلى عيادتها ، شعرت للمرة الأولى
بخفقان قلبها لأول رجل في حياتها .
يبتسم لها بلطف ويقترب حتى ابتسامته أمان
سرقتها من عالمها تنسابُ كالنور بأعماقها
فلا تُدرك ماهية الزمان أو المكان .
تفحصت ملفه ( يُعاني من شدٍ عضلي في منطقة الرقبة )
كان يُصيبه بشكلٍ مُتكرر ، يستخدم له مرخيات ومسكنات
لكنه يحتاج لجلسات علاجية طبيعية .
كانت حالته تحتاج ما بين ستٍ إلى ثلاثِ جلسات .
مشاعرُها مُبعثرة تجاهه رُغم عمقها
مازالت عيناها الخضراوان تلمعان ووجهها يحمر خجلًا
كطفلة احتفظت بدهشة الدنيا حين يأتي موعده معها .
في آخر زيارة له قررت مصارحته واعترفت بحُبها
وكشفتْ لهُ عن مشاعرها التى باتت ليالٍ ترعاها في قلبها .
لكن للأسف أن مريضها أجابها ببرُود :
محطة جمعتنا وانتهى الوقت ، أراكِ مُعالجتي ولستِ حبيبتي .
شعرت بغصة مريرة في حلقها من حديثه
كان حبها له أعلى من نجمة توسطت كبد السماء
أبعد من أن يراه بعينيه اللوزية .
قاسية هي كلماته هشمت قلبها ، وكأنه صفعها حين أخبرها
بأنه لا يرى فيها مواصفات شريكة حياته ، كانت الصاعقة القاضية .
ثُقْل نبضِ قلبها مُنذ أن صارحته فقد أهلكها الشوق
تعلقتْ به فقلبها الباكي لا يمُدها بالقوة والصُّمود
تكتمُ دُموعها لكن تفضحها ارتعاشة شفتيها .
تنهيدةٌ زفرتها كانت كفيلةً لشرحِ كُل ما عاشته
وكُل ما أخفتهُ خلف ابتسامتها المزيفة .
حُب عَمرها الذي لا مناص ولا مفر من شركه
أذاب الرُّوح حد الغرق في متاهاتِ ملامحه .
تتصنعُ اللامُبالاة وهي تفتقدهُ وتفتقد لذة قُربه
كيف تتوب منه ، كيف تستعيد شغفها
ما زالتْ غاضبةً ، نيرانها تشبُّ ولا تهدأ
رفضٌ ، شوقٌ يُمزقُ الوجدان ، مُمزقة بين ذكرىً ونسيان .
في النهاية أي ألم أعظم من فقدان شخص نحبه
والأسواء من ذلك اكتشاف أن شخصًا نحبه قد تخلى عنا .
ربما لهذا السبب نرغب في الإختباء أو حماية أنفسنا .
لذا نضع قناعًا ، لا يصعب فهم السبب ،
الأمر الصعب هو معرفة أنه أحيانًا يكون القناع
هو حقيقتنا الفعلية .
موجوعة مفجوعة ، لكنها تحاول جاهدة إقناع نفسها
أن هناك أشياء كالحلم لا تعرف كيف بدات ولا كيف ستنتهي .
لم تكُن تعلم أن لبعض الكلمات شفرات حادة
كنصل السكين تذبح سامعها .
كانت دائمةً الهُروب من الأماكن والأشخاص
تخشى التعلق ، تخشى الفراق .
مازالت حتى الآن إذا ضحكت تخفي ابتسامتها
لكن ما زال لديها المزيد من الوقت
عليها أن تكُف عن القلق بشأن مامضى وتبدأ التفكير
فيما عليها فعله عليها أن تنسى الماضي وإلا لن تحظى بمستقبل .
هو قاسي جدًا وهي لا تُطيقُ القسوة
وبقدرِ ما أوجعها تخشى عليه من الوجع
تخافُ عليه كأمُه تشعر به رُغم بُعده .
وبقدر ما أحبته تحمد الله أن قلبهُ كجلمُود صخرٍ
كي لا يتأرجح على لظى الوجع .
https://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gifhttps://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gifhttps://zalghaym.com/vb/images/icons/3-zf113.gif
ثرثرةُ حصرية ، وبين كُل حرفٍ وحرف جُرعة ألم ..
" نِثارُ الغيْم "