قيصر الكلم
11-17-2022, 03:51 PM
هوى فؤادي ثلاثٍ من الغيد
ما حبّ قلبي من البيض غيره
كنا في ذلك الحي أناساً متكاتفون متعاضدون لم تغيرنا المدنية وكنا كما كتبت في صفحات سابقة من الكتاب نلهوا من الصباح إلى المساء وفي أحد المرات رأيت صبية حباها الله من الحسن والجمال الشيء الكثير فكنت أنظر إليها فإذا نظرت نحوي غضضت طرفي وكنت أراها بين آونة وأخرى عندما تأتي لأقاربها .
مضت بضع سنوات وانتقلنا من ذلك المنزل إلى منزل آخر وعلق قلبي بحب فتاتين أخريين ولم أنس الحب الأول إذ كان في الصبا وما أجمل الصبا وأحلاه .
إذا هبت رياح الذكرى تمايلت أغصان الحنين وغردت بلابل الشوق ولئن طال بنا التنائي ففي القلب لوعة وفي سويدائه صبوة لا تفنيها الأيام ولا تخففها تعاقب الأعوام .
ربما إذا عصفت بأعمارنا رياح الشيخوخة فاحدودبت ظهورنا وشابت مفارقنا وتجعدت وجوهنا حنت لشبابها وتذكرت من كان يذوب شوقاً إليها وبدأت تحدث أبناءها وأحفادها في ليالي الشتاء الطويلة عند موقد النار عني وعن حبي ولا خير في هذه الذكرى والحديث بعد هذا العمر الذي أصبحنا فيه على مشارف قبورنا .
ليتني ما زلت طفلاً لأراها كل وقت وأمتع ناظري برؤياها وأشنف سمعي بعذب حديثها فالشوق المضطرم بين جوانحي ما زال يؤرقني وينهكني .
لأجلها سهرت الليل وسامرت النجم وقرضت الشعر ولأجلها استعذبت الهجر وتلذذت بِحُرَقِه ووالذي نفسي بيده إني لأعجب من أولئك الذين يرفضون الحب ويسخرون منه وهم لم يرتشفوا من نهره ولم يكتووا بناره.
أيرفضونه ويسخرون منه خشية تباريحه ؟
هي والذي نفسي بيده لذته وسعادته .
أم وجلاً الهجر ؟
هو وربي لإضرام أوار الحب والشوق .
أم فَرَقاً من الفراق ؟
في هذه صدقوا فهو الموت الزؤام ولكن لذة الحب وتعليل النفس باللقيا يطغيان عليه حتى وإن بددهم جحفل البين فهم يعللون أنفسهم باللقاء فأصبحوا يعيشون على طلل الذكرى وأمل اللقيا وأنعم بهذه من سعادة ولو عاش هذه اللحظات الذي يقول :
مساكينُ أهلُ الحبِّ لستُ بمُشْترٍ
حياةَ جميعِ العاشقيـنَ بِدانـقِ
لتغير رأيه وقال بقول القائل :
تشكَّى المحبُّونَ الصَّبابـةَ ليتَنـي
تحمَّلتُ ما يلقَوْنَ مِنْ بينِهم وحدِي
فكانتْ لنفسِي لذَّةُ الحبِّ كلُّهـا
فلمْ يلقَها قبلِي محبٌّ ولا بعـدِي
لعلي هنا أذكر هذا الموقف لتلك الصبية التي أحببتها في الصبا .
ما الحب إلا للحبيب الأول
في ذلك اليوم من عام 1413 هـــ ولجت معامع الهوى وخضت بحار الصبابة إذْ كانت الفتاة منهمكة بالشرح وكنت سارحاً أتمعن بحسنها وجمالها ولم أعر الشرح أي انتباه .
صمتت الفتاة فجأة وأغمضت عينيها نصف تغميضة وكأنها اكتشفت أن في المسألة خطأٌ ما فأعادت الشرح من جديد فقهت من أوله أن للدائرة قطرين وبعدها غرقت في التأمل بحسنها .
أحست الفتاة أني سارح فالتفتت نحوي والتقت العين بالعين فأغضت حياءً وخجلاً فيا لذلك الجمال من جمال وذلك الحياء من حياء .
كانت إحدى الفتيات التي تكبرنا سناًّ ترقب ما حدث فقالت : ما زلت صغيراً على الحب أيها العاشق الصغير .
احمر وجه صاحبتي من الخجل أما أنا فلم أبال بقول تلك المتطفلة بل غرقت من جديد في التأمل فليس في كل مرة يتاح لي مشاهدة هذا الجمال الخلاب .
خجلت الفتاة وتململت في مجلسها ثم اعتذرت بأنها تأخرت على المنزل ويجب الذهاب فوراً ثم ذهبت مشيعة مني بنظرات الحب والوله .
مضت بنا الأيام وسار ركبها ولم أرها منذ ذلك اليوم ولم يزل بقلبي من هواها ندوب لم تلتئم .
ما حبّ قلبي من البيض غيره
كنا في ذلك الحي أناساً متكاتفون متعاضدون لم تغيرنا المدنية وكنا كما كتبت في صفحات سابقة من الكتاب نلهوا من الصباح إلى المساء وفي أحد المرات رأيت صبية حباها الله من الحسن والجمال الشيء الكثير فكنت أنظر إليها فإذا نظرت نحوي غضضت طرفي وكنت أراها بين آونة وأخرى عندما تأتي لأقاربها .
مضت بضع سنوات وانتقلنا من ذلك المنزل إلى منزل آخر وعلق قلبي بحب فتاتين أخريين ولم أنس الحب الأول إذ كان في الصبا وما أجمل الصبا وأحلاه .
إذا هبت رياح الذكرى تمايلت أغصان الحنين وغردت بلابل الشوق ولئن طال بنا التنائي ففي القلب لوعة وفي سويدائه صبوة لا تفنيها الأيام ولا تخففها تعاقب الأعوام .
ربما إذا عصفت بأعمارنا رياح الشيخوخة فاحدودبت ظهورنا وشابت مفارقنا وتجعدت وجوهنا حنت لشبابها وتذكرت من كان يذوب شوقاً إليها وبدأت تحدث أبناءها وأحفادها في ليالي الشتاء الطويلة عند موقد النار عني وعن حبي ولا خير في هذه الذكرى والحديث بعد هذا العمر الذي أصبحنا فيه على مشارف قبورنا .
ليتني ما زلت طفلاً لأراها كل وقت وأمتع ناظري برؤياها وأشنف سمعي بعذب حديثها فالشوق المضطرم بين جوانحي ما زال يؤرقني وينهكني .
لأجلها سهرت الليل وسامرت النجم وقرضت الشعر ولأجلها استعذبت الهجر وتلذذت بِحُرَقِه ووالذي نفسي بيده إني لأعجب من أولئك الذين يرفضون الحب ويسخرون منه وهم لم يرتشفوا من نهره ولم يكتووا بناره.
أيرفضونه ويسخرون منه خشية تباريحه ؟
هي والذي نفسي بيده لذته وسعادته .
أم وجلاً الهجر ؟
هو وربي لإضرام أوار الحب والشوق .
أم فَرَقاً من الفراق ؟
في هذه صدقوا فهو الموت الزؤام ولكن لذة الحب وتعليل النفس باللقيا يطغيان عليه حتى وإن بددهم جحفل البين فهم يعللون أنفسهم باللقاء فأصبحوا يعيشون على طلل الذكرى وأمل اللقيا وأنعم بهذه من سعادة ولو عاش هذه اللحظات الذي يقول :
مساكينُ أهلُ الحبِّ لستُ بمُشْترٍ
حياةَ جميعِ العاشقيـنَ بِدانـقِ
لتغير رأيه وقال بقول القائل :
تشكَّى المحبُّونَ الصَّبابـةَ ليتَنـي
تحمَّلتُ ما يلقَوْنَ مِنْ بينِهم وحدِي
فكانتْ لنفسِي لذَّةُ الحبِّ كلُّهـا
فلمْ يلقَها قبلِي محبٌّ ولا بعـدِي
لعلي هنا أذكر هذا الموقف لتلك الصبية التي أحببتها في الصبا .
ما الحب إلا للحبيب الأول
في ذلك اليوم من عام 1413 هـــ ولجت معامع الهوى وخضت بحار الصبابة إذْ كانت الفتاة منهمكة بالشرح وكنت سارحاً أتمعن بحسنها وجمالها ولم أعر الشرح أي انتباه .
صمتت الفتاة فجأة وأغمضت عينيها نصف تغميضة وكأنها اكتشفت أن في المسألة خطأٌ ما فأعادت الشرح من جديد فقهت من أوله أن للدائرة قطرين وبعدها غرقت في التأمل بحسنها .
أحست الفتاة أني سارح فالتفتت نحوي والتقت العين بالعين فأغضت حياءً وخجلاً فيا لذلك الجمال من جمال وذلك الحياء من حياء .
كانت إحدى الفتيات التي تكبرنا سناًّ ترقب ما حدث فقالت : ما زلت صغيراً على الحب أيها العاشق الصغير .
احمر وجه صاحبتي من الخجل أما أنا فلم أبال بقول تلك المتطفلة بل غرقت من جديد في التأمل فليس في كل مرة يتاح لي مشاهدة هذا الجمال الخلاب .
خجلت الفتاة وتململت في مجلسها ثم اعتذرت بأنها تأخرت على المنزل ويجب الذهاب فوراً ثم ذهبت مشيعة مني بنظرات الحب والوله .
مضت بنا الأيام وسار ركبها ولم أرها منذ ذلك اليوم ولم يزل بقلبي من هواها ندوب لم تلتئم .